Sunday, March 25, 2007

سلسلة 2(كتاب يحبون مصر ونحن نحترمهم بحب وتقدير) حمدين الصباحى)



هو كاتب حر يحب وطنه ولايزايد على شىء سوى حب مصر حصل على عضوية مجلس النواب بقوة وكفاح بدعم من مواطنيه فى دائرته وهو مقاتل عنيد فى مجلس الشعب لايخضع للترغيب أو الترهيب أنه رجل محترم بمعنى الكلمة عاشق لوطنه فى زمن البيع واللا إحترام وهذا مقال هام جدا له نشر فى جريدة الكرامة عن مؤامرة التعديبلات الدستورية
إن العين لتدمع وأن القلب ليخشع وإننا لفراقك يا دستور لمحزونون. إنه أبو القوانين، وحصن الحريات، وضمانة الحقوق، ودليل الواجبات، وثمرة التوافق الوطني الجامع، والعقد الاجتماعي بين الشعب وسلطات الدولة، ووثيقة الإرادة الموحدة للجماعة الوطنية المصرية. ها نحن نشهد دستورنا يلفظ أنفاسه الأخيرة، ويحتضر بين أيادينا وأمام أعيننا، مشاهد جريمة القتل تتوالي بدم بارد، ونحن عاجزون محسورون محاصرون، ولا مغيث ولا منقذ ولا نجاة.. ما أبشع الجريمة التي يرتكبها الحزب الوطني الحاكم برئيسه ونوابه وحكومته وإعلامه وقوات أمنه، سيعلق دم الدستور برقابهم جميعا، وستطاردهم لعنته أحياء وأموات. أما نحن، شعب مصر، أهل القتيل، فحالنا يثير الحزن والمرارة والأسي، القليل منا رفع صوته ضد الجريمة وحاول بلا جدوي إنقاذ الدستور، لأن موازين القوة القاهرة كانت أظلم وأطغي، والشعب لا يمتلك ثلث الأصوات في مجلس الشعب ليوقف الجريمة، ولا يمتلك أحزابا قادرة علي الوقوف أمام بغي الحزب الحاكم، ولا يمتلك حركة شعبية قادرة علي حشد مليون مواطن من أهل مصر في ميدان التحرير لإنقاذ القتيل. أما الأغلبية فهي منصرفة عن قضية الدستور إلي لقمة عيش بائسة، وإلي البحث عن ستر في ظل سلطة انتهاك الوطن. وإنني أعرف، وأعذر، أن الذي يسعي علي رزقه الضنين في الغيط والمصنع والبحيرة والوظيفة، وعلي أرصفة البطالة، لن يجد في عقله وقلبه وجهده فائضا أو متسعا ليناقش تعديلات الدستور وليدافع عن الدستور وليضحي من أجل إنقاذ الدستور. وأعرف، وأعذر، أن بعضنا يقول: ومتي كان الدستور قادرا علي حمايتنا لكي نحميه الآن؟ هل صان الدستور حقوقنا، أو دافع عن كرامتنا، أو ضمن لنا حريتنا، لكي نلتف اليوم حوله وندفع ثمن إنقاذه؟ مظلوم أنت أيها الدستور مرتين، مرة علي يد سلطة الاستبداد والفساد التي انتهكت نصوصك وأزهقت روحك، وارتكبت في وجودك كل الانتهاكات لحقوق الإنسان المصري الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فأصبحت من كثرة العدوان عليك مجرد نصوص ميتة لا تحكم ولا تسيطر، مجرد رجل مريض بلا حول ولا قوة، تقول الاشتراكية والسلطة تشجع رأس المال. تقول القطاع العام والسلطة تبيعه وتخصخصه وتمصمصه بأبخس الأثمان، تقول تكافؤ الفرص والسلطة للمحاسيب والأتباع والغلمان. تقول العدالة والسلطة للفساد يغتني به الأثرياء ويموت به الفقراء. تقول الديمقراطية والسلطة لحالة الطوارئ والقمع والدولة البوليسية والمحاكم العسكرية، تقول الوحدة العربية والسلطة (إسرائيل) والتبعية للولايات المتحدة الأمريكية. ظلمتك السلطة مرة عندما انتهكتك وأقعدتك في فراش المرض عاجزا عليلا.. وظلمك الشعب مرة ثانية حين انصرف عنك وأشاح بوجهه، وفقد الثقة فيك، وقرر أن يتركك لمصيرك تموت علي يد الحزب الحاكم دون أن يهب لنجدتك أو يفتديك بالروح والدم كما يليق بدستور جليل. بين سلطة ظالمة وشعب مظلوم مات الدستور البقاء لله، مات دستوركم.. فاذكروا محاسن موتاكم.. صحيح أن أكثرها كان محاسن علي الورق دون فاعلية في الحياة، لكن المقارنة بين الدستور القتيل ودستور القتلة سيوضح لك يا أخي المصري أن المصيبة سوداء، وأنها تستحق العناء، وأن موت الدستور سيؤدي إلي موت حقوقك أنت، وإهدار كرامتك أنت، وتسويد عيشتك أنت أكثر مما هي سوداء، فلا تحسبن أن الدستور يخص الأفندية والبهوات والمثقفين وبتوع المظاهرات والأحزاب والنقابات.. إنه دستورك يا عم الفلاح والصياد والعامل والموظف الغلبان. تعال معي نشرح ببساطة بعض المصائب التي ستقع علي رأسك نتيجة موت الدستور بتعديله أو تقتيله ـ من طرف واحد بإرادة منفردة من حزب الحاكم. ولنبدأ بالطلقة القاتلة التي اكتملت بها الجريمة وهي المادة 179 التي تم إضافتها لأول مرة إلي الدستور ويقول نصها: «تعمل الدولة علي حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب، وينظم القانون أحكام خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة تلك الأخطار وذلك تحت رقابة من القضاء، وبحيث لا يحول دون تطبيق تلك الأحكام الإجراء المنصوص عليه في كل من الفقرة الأولي من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور. «ولرئيس الجمهورية أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلي أية جهة قضاء منصوص عليها في الدستور أو القانون». ما معني هذه الطلقة في قلب الدستور؟ معناها إهدار الحريات الشخصية للمواطن المصري التي ضمنتها المواد 41 و44 و45 وهي أجمل وأرقي مواد دستورنا، معناها أن يتم اغتيال حريتك بالدستور! وهذه هي نصوص المواد القتيلة: المادة 41 تقول: «الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس» لم تعد مصونة بعد جريمة قتل الدستور! «.. وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض علي أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع».. سيتم القبض عليك، وتفتيشك في أي وقت وأي مكان، وحبسك وتقييد حريتك بكل قيد ومنعك من التنقل بدون أمر يخدم أي تحقيق وإنما بمزاج الأمن! وبدون ضرورة لصيانة أمن المجتمع بل برغبات أمن الدولة! وكله بالدستور!!.. «ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون».. سيصدر الأمر بدون قاض ولا نيابة يكفي أن يضعك أحد الضباط في دماغه.. أو مخبر درجة ثالثة.. أو مرشد مأجور.. وخارج أحكام أي قانون ما عدا قانون الغاب والفساد والاستبداد لكي تجد نفسك معتقلا.. ويتم مرمطة كرامتك.. وكله بالدستور. أما المادة 44 ـ وهي من ضحايا تعديلات الحزب الحاكم أيضا ـ فتقول: «للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا للقانون» انتهي.. كان زمان.. أيام المرحوم الدستور.. الآن لا حرمة لبيتك، ولا أمان لأسرتك، سيدخلون عليك في الفجر والظهر والعصر ويقلبون عفشك رأسا علي عقب.. بمزاج الأمن غير المسبب، وليس بحكم قضائي مسبب سيقتحمون عليك غرفة نومك ويملأون قلوب أطفالك رعبا وخوفا وكراهية.. بالدستور!! والمادة 45 تقول: «لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون.. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون»، كان دستور وجبر! الآن لا سرية لخطاباتك، وتليفونك تحت التنصت، واتصالاتك خاضعة للرقابة الأمنية المشددة لمدة مفتوحة خارج أي قانون، أسرارك مفضوحة، وحياتك الخاصة منتهكة.. بالدستور! هل هناك جريمة ضد الدستور أكثر من هذا؟ هل هناك عدوان علي حقوق الإنسان أبشع؟ هل يوجد انتهاك للحريات أفظع؟ هل يوجد امتهان للكرامة أحط وأشنع؟ كيف تقبل يا أخي المصري الأبي كل هذا الهوان؟! كيف تسكت علي هذا العار ؟! كيف تقبل قتل حريتك باسم الدستور ؟! ثم تعال إلي المادة 88 التي سيتم تعديلها لإلغاء إشراف القضاء علي الانتخابات.. وأنت تعرف يا أخي من التجارب التي عشتها بنفسك أننا سنعود إلي عصر التزوير العلني للانتخابات ستنتعش البلطجة، ويزدهر العنف، وتتوحش الغرائز القبلية والمصالح الفردية، ونعود إلي التقفيل والتسويد في لجان الانتخاب.. لا نزاهة ولا حياد ولا عدالة ولا احترام لإرادة الشعب.. الناخب تحت الإكراه والتهديد.. وموظفو الدولة وعملاء الأمن يديرون الانتخابات.. إنها فاتحة الحروب الأهلية في مواسم الاقتتال الانتخابي في غابة الدولة البوليسية. لو لم يكن في تعديلات حزب الحاكم إلا هاتان الطلقتان المصوبتان إلي قلب الدستور المصري لكانتا كافيتين لقتله مع سبق الإصرار والترصد. لكن القتلة أطلقوا علي دستورنا المزيد من الرصاص. اثنتا عشرة رصاصة أطلقوها دفعة واحدة علي رأس الدستور لقتل الاشتراكية ومحوها من نصوصه ومواده 12 تعديلاً علي 12 مادة هي المواد: «4 و12 و24 و30 و33 و37 و56 و59 و73 و179 و180 و194»، تم بموجبها إلغاء الاشتراكية، والنظام الاشتراكي الديمقراطي، والسلوك الاشتراكي، والمكاسب الاشتراكية، ودعم القطاع العام، وتحالف قوي الشعب العامل، ومكاسب النضال الشعبي الاشتراكية، من نصوص الدستور. مادة واحدة من هذه المواد تستحق الإلغاء هي 179 الخاصة بالمدعي العام الاشتراكي لأننا نعتبره شكلا من أشكال القضاء الاستثنائي لا ينبغي وجوده ولا حمايته دستوريا.. أما باقي المواد فنحن نعلم أن محوها من الدستور هو تحصيل حاصل بعد أن تم محو معظمها من الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في مصر علي يد سلطة الخصخصة وإطلاق آليات السوق والخضوع للرأسمالية العالمية. لكن المادة (59) تحديدا تحتاج إلي وقفة صلبة للدفاع عنها ورفض تعديلها. يقول نصها: «حماية المكاسب الاشتراكية ودعمها والحفاظ عليها واجب وطني»، فماذا يعني إلغاء هذا النص؟ معناه يا أخي الفلاح أن الإقطاعي القديم سوف يطردك من الأرض التي وزعها عليك جمال عبدالناصر.. سيطردك بالدستور!! معناه أن صاحب المصنع الذي أممه جمال عبدالناصر باسم الاشتراكية سيرفع دعوي أمام القضاء ليسترد مصنعه من يد الشعب الآن وسيكسبها بالدستور! معناه أن مكاسب الفقراء فلاحين وعمال وطبقة وسطي التي تحققت في أزهي عصور نهضتنا الحديثة سوف تضيع وتتبدد.. بالدستور!! معناه أن أعظم تضحيات شعبنا وأنبل صفحات نضاله الشعبي سيتم إحراقها والردة عليها.. بالدستور! معناه أن حلف الفساد والاستبداد والاستغلال ونهب الفقراء وتخمة الأغنياء والانقسام الطبقي المريع وسيطرة رأس المال علي الحكم سوف يتوحش ويتجبر ويطغي ويأكل الأخضر واليابس.. بالدستور!! معناه إهدار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. كما أهدرت الحقوق والحريات الشخصية والمدنية والسياسية بالدستور !! فماذا يبقي في دستور حزب الحاكم من دستورنا القتيل؟ وماذا يبقي للمصريين في وثيقة العقد الاجتماعي الأساسية؟ وكيف ستحصل يا أخي المصري علي حقوقك في مصر في ظل هذا المسخ المسمي زورا بالدستور كيف ستتحقق المواطنة إذا لم يضمن الدستور لك نصيبا عادلا في ثروة الوطن وصوتا نافذا في قرار الوطن؟ سيستمر حزب الحاكم في مواصلة جريمة اغتيال الدستور، وفي إتمام إجراءات الدفن، ومراسم الجنازة، وشهادة الوفاة. وسيعلن بعد الاستفتاء المزيف عن مولد دستور القتلة المشوه. لن يكون دستورنا لأننا لم نشارك فيه ولم نرتضه لأنه لا يحترمنا ولا يصون حقوقنا ولا يحمي مصالحنا ولا يحفظ كرامتنا. وإذا كان حزب الحاكم لديه أي قدر من الأمانة والاستقامة بعد أن أصر علي صياغة الدستور من طرفه منفردا، وبدون توافق وطني، ورغم أنف كل القوي السياسية في مصر فإن عليه أن يعدل ـ بالمرة ـ وثيقة إعلان الدستور ويحذف من صدرها عبارة: «نحن الشعب المصري..» ويكتب مكانها: «نحن الحزب الوطني...» لأن هذا الدستور ليس دستور الشعب بل دستوره وحده.. عدله وحده.. وفرضه وحده.. ويبوء بإثمه وحده أمام التاريخ والشعب والله. أما نحن الشعب فسلاحنا المتاح الآن هو المقاطعة.. مقاطعة الاستفتاء الهزلي مقاطعة جريمة قتل الدستور.. وفضح القاتل.. وملاحقته حتي يتم القصاص منه بعدالة الشعب التي هي كعدالة الله تمهل ولا تهمل.
حمدين صباحى

No comments: